كتبت : سماء كمال – أستشاري أسري وتربوي أبنتي عمرها عشرة سنوات ، عنيدة جداً ، متمردة ، كثيرة الشجار والصوت العالي ، عكس أخواتها الأصغر والأكبر منها في غاية الهدوء والحنان والطاعة، وإنما هي تشعر دائماً بأنها أذكى منهم ولا تتقبل النصيحة ولا تتعامل بأسلوب مهذب وغالباً ما أحاول السيطرة على أعصابي ولكن غصب عني بضربها كثيراً ، وحتى الضرب لم يعد مجدياً معها ولا أساليب العقاب والحرمان فماذا أفعل؟؟ ولكاتبة هذه الرسالة أقول: سيدتي الفاضلة شكراً جزيلاً على ثقتك الغالية، وأقدر شعورك كأم وأرجو أن أفيدك وأساعدك على تجاوز مشكلتك. سيدتي الفاضلة، بداية أبشرك بأن صفة “العند” والتي يعاني منها معظم الأمهات في أطفالهن ويتخيلن أنها بداية تمرد أو إنفلات أخلاقي، هي على العكس دليل قوي على قوة الشخصية والثقة بالنفس والإحساس بالذات، فالعند في حد ذاته يثبت أن هذا الطفل له مستقبل مستقل، شخص قيادي إن احسن الأهل توجيه، فلا تقتلي هذه الصفة فيه ولكن تعلمي كيف تروضيه. وإليك بعض النصائح المعينة لك بإذن الله: أولاً: بداية عدم المقارنة بينها وبين اخواتها كما وضحتي لي في مشكلتك أنهم أكثر هدوء وحنان وطاعة، فهذه المقارنة إن وصلت لإبنتك سوف تزيدها تمرد وكره لك ولهم، فلكل طفل شخصيته المستقلة وعيوبه ومميزاته. ثانياً: ابعدي كل البعد عن أي تعنيف جسدى أو نفسي، فهذا هو سبب لما هي عليه الآن ، حينما قابلتي العند بعصبية وعنف فمن الطبيعي أن تزداد عنفاً وعنداً وتمرداً. ثالثاً: هناك قاعدة نفسية تقول الإتصال قبل التصحيح، فعليكم أولاً كأم وأب أن تبنوا جسور الإتصال بينكم وبينها حتى يتم ترويضها وتوجيهها دون مشادات أو مواجهات عصيبة وهذه الجسور تتم عن طريق عدة قنوات: ١-الحب: اشعريها بحبك وحنانك، أمسحي على شعرها ووجهها في أي وقت بدون سبب، مري بجانبها وامسحي على وجنتيها ورأسها وابتسمي ليها واتركيها وامشي. ٢-الحضن: هناك ابحاث اثبتت بأن الحضن أهم علاج جسدي ونفسي لطفلك، وأن الطفل يحتاج إلى أربعة احضان يومياً على الأقل من أمه ووالده ليكتمل ثباته الأنفعالى والعاطفى وجهازه المناعى، فثبتي الحضن كغذاءه اليومي وبدون أسباب خديها في حضنك لبعض ثواني وقبليها، دون أي كلمات. ٣-الإنصات: أسمعيها ، تفهمي أسبابها ، أحترمي مشاعرها وقدريها ، شاركيها وجدانياً فى كل هذه الأساليب هي وسائل التواصل السلوكي بين الأم وأطفالها بدون وعي. ٤-التخيير لا الإجبار: تعودي على أختيار الفاظك معها ، وبدلاً من أسلوب النهي والأمر أتبعي معها أسلوب التفضيل والتخيير، حتى لا تعطيها الفرصة للعناد وقول “لا”، فمثلا قولي لها “ايه رأيك تحبي تعملي كذا ولا كذا” بدلاً من إخبارهم “افعلي كذا”، فى التفضيل له واقع مختلف وإحترام ذاتي عند الأطفال والبشر عموماً. ٥-تفهمي ما وراء كلماتها، فأسلوب التمرد لا يعني أنها قلة إحترام أو سوء تربية ، ولكن يحمل في طياته إستغاثات أخرى مثل “أسمعيني .. أفهميني .. ساعديني .. أحبك .. لا تتركيني”. ٦-أمدحي سلوكها الجيد أمام اخواتها ووالدها والأهل والأصدقاء، فهذا يعزز سلوكها الجيد ويزيدها شعوراً بالطمآنينة والإحترام والطاعة. ٧-شجعيها على الأفعال الصائبة، فبالتأكيد هناك أشياء جميلة تقوم بها، وأكثري من كلمة أحبك، حبيبتي. ٨-إحترميها إن كنتي تودين حقاً منها أن تحترمك، ولا توبخيها ولا تنتقديها، فلكل طفل مدخل يتأثر به ويخضع من خلاله لطوعنا وأمرنا دون عند أو تمرد. ٧-أجمعي بينها وبين أخواتها في ألعاب مشتركة وزيدي من محبتهم لبعض ببعض الإطراء أو الهدايا الرمزية المتبادلة بينهم، ولا تفرقي بينهم في المعاملة وأحتضنيهم جميعاً بكل عيوبهم ومميزاتهم فهم نعمة تستحق الشكر والإمتنان. وأخيراً سيدتي أولادنا نعمة وتقدير من المولى عز وجل تستحق الشكر والإمتنان، أحتضنيهم جميعاً ولا تفرقي بينهم في المعاملة وكوني رمزاً للحب والعطاء والحنان.